في هذا اللقاء الخاص من داخل احد المستشفيات في المانيا ، “مستشفى هايدلبرغ الجامعي” نستعرض قصة المريضة يسراء، المرأة الشجاعة التي عانت لسنوات من آلام وتشخيصات غير صحيحة. بعد رحلة طويلة مليئة بالتحديات والأخطاء الطبية، اكتشفت أن ما كانت تعاني منه هو تسرب السائل الدماغي الشوكي (CSF). سنستمع إلى تجربتها الشخصية، وكيف تأثرت حياتها اليومية، ورحلتها نحو الحصول على التشخيص والعلاج المناسبين. هذا اللقاء ليس مجرد سرد لقصة واحدة، بل هو نداء للوعي وتحفيز للأمل لكل من يواجه تحديات صحية مشابهة.
بداية تدريجية
كم كان عمرك عندما بدأت أعراض تسرب السائل الدماغي الشوكي لديك لأول مرة، وكيف كانت تلك الأعراض؟
كنت في الثلاثين من عمري عندما لاحظت أنني بدأت أشعر بألم عند السعال أو ممارسة اليوجا. وسرعان ما لم أعد أستطيع الوقوف منتصبًا دون أن أشعر بصداع تدريجي منهك، لكنني حاولت تجاهله. ثم بدأت أعراضي تتفاقم. ولاحظت أنني كلما سعلت، كنت أشعر بألم رهيب في مقدمة ومؤخرة رأسي. وأنا أمارس رياضة الجيو جيتسو، وفي كل مرة أتدرب فيها مع شريك، كانت أعراضي تتفاقم. وكان علي أن أتوقف وأمسك برأسي، في انتظار أن يزول الألم. وكانت رؤيتي تصبح سوداء ولا أستطيع التفكير.
كم من الوقت استغرق الأمر للحصول على التشخيص الصحيح؟
استغرق الأمر مني 3-4 أشهر للحصول على تشخيص صحيح. في البداية، اعتقدت أنني مصاب بعدوى الجيوب الأنفية. ذهبت إلى طبيب الأنف والأذن والحنجرة، ولكن تم إحالتي بعد ذلك إلى طبيب أعصاب. عالجني طبيب الأعصاب من الصداع النصفي. لم ينجح دواء الصداع النصفي، وكان من الواضح أن شيئًا آخر يحدث. كان عليّ أن آخذ إجازة من العمل، وأتوقف عن كل الأنشطة البدنية، وأستلقي معظم ساعات اليوم. أمضيت ما يقرب من 4 أشهر مع أعراض منهكة، وأرى طبيبًا تلو الآخر.
هل ظهر تسرب السائل الدماغي الشوكي في التصوير الشعاعي؟
لم يظهر التسرب في صورة الرنين المغناطيسي للدماغ، لكنه ظهر أخيرًا في صورة الرنين المغناطيسي للعمود الفقري
كيف تم علاج تسرب السائل الدماغي الشوكي لديك؟
كانت أعراضي شديدة للغاية، ومع ذلك كانت تختفي إذا استلقيت. وبسبب طبيعة الأعراض الموضعية هذه، اقترح طبيب الأعصاب عليّ وضع رقعة دموية فوق الجافية. بعد وضع رقعة الدم، شعرت بتحسن بنسبة 100% – لمدة 5 أيام تقريبًا. بعد ذلك، عادت أعراض التسرب، وإن لم تكن بنفس القوة. ثم أجريت تصويرًا بالرنين المغناطيسي للعمود الفقري، والذي كشف عن الموقع الدقيق للتسرب. أردت البكاء من شدة الراحة. تلقيت رقعة دموية ثانية في موقع التسرب وكنت بخير منذ ذلك الحين!
ما الذي تتمنى أن يعرفه الأطباء عن تسرب السائل الدماغي الشوكي؟
قالت طبيبة الأنف والأذن والحنجرة إنها لا تعتقد أنني أعاني من تسرب السائل النخاعي لأنني لم أعاني من أي سائل يسيل من أنفي. [ملاحظة: عادةً ما يُرى السائل من الأنف في حالة تسرب السائل النخاعي من الجمجمة ، وليس تسرب السائل النخاعي من العمود الفقري .] أتمنى أن يعرف الأطباء عن الطرق المتنوعة التي يمكن أن يظهر بها تسرب السائل النخاعي من العمود الفقري، حتى مع التصوير/الاختبار السلبي.
ما هو الشيء الأكثر إحباطا في العيش مع هذه الحالة؟
وضع حياتي كلها على الانتظار؛ الألم المبرح في بعض الأحيان؛ الشعور بالارتباك وعدم معرفة ما كان يحدث؛ الذهاب إلى غرفة الطوارئ فقط لتلقي العلاج من الصداع النصفي؛ التنقل من أخصائي إلى أخصائي.
ما هو الشيء الأكثر إثارة للدهشة في العيش مع تسرب السائل النخاعي الشوكي؟
أنا أقوى مما كنت أتصور. لقد تعلمت الاعتماد على نظام الدعم الخاص بي، أصدقائي، عائلتي، والإيمان بأنني سأتمكن من تجاوز كل شيء مهما كان.
ما الذي ساعدك على التأقلم؟
أصدقائي وعائلتي. لقد اعتنوا بي، وكانوا يردون على الهاتف عندما كنت أحتاج إلى المساعدة، ويقودونني إلى مواعيد الأطباء، ويمسكون برأسي عندما كنت أشعر بالألم.
ما هو “وضعك الطبيعي” الجديد؟
لقد عدت الآن إلى ممارسة رياضة الجيو جيتسو، وعدت إلى العمل (أقوم بتدريس مرحلة ما قبل المدرسة)، وأستمتع بالوقت مع الأصدقاء دون قلق أو ألم أو الحاجة إلى الاستلقاء! أشعر الآن بيقظة مفرطة تجاه أي إحساس أشعر به في رأسي، وغالبًا ما أتساءل، هل هذا صداع طبيعي ناتج عن يوم طويل من التدريس، أم أن تسرب السائل الدماغي الشوكي عاد إلي؟ في معظم الأوقات، أشعر بالامتنان لأنني عادت حياتي إلى طبيعتها!
هل لديك أي نصيحة للأشخاص المتأثرين بتسرب السائل الدماغي الشوكي؟
على الرغم من أننا لم نطلب أو نرغب في خوض هذه التجربة، إلا أنها أظهرت لي أننا أقوى مما كنا نعتقد. اعتمد على أصدقائك وعائلتك، واطلب المساعدة، وتحدث عن مشاعرك. استمر في الدفاع عن نفسك أمام أطبائك. إن ما تمر به هو حالة مرهقة وتستحق الراحة.
ما هي خططك المستقبلية؟
أخطط لممارسة المزيد من الجيو جيتسو، وقضاء الوقت مع الأصدقاء، والعيش بدون ألم!!
